ادعمنا

انعدام الجنسية - Statelessness

تمثل قضية انعدام الجنسية مشكلة وظاهرة عالمية تتطلب السعي الجاد من المجتمع الدولي للتعامل مع حجم المشكلة حيث يٌقدر عدد الأشخاص عديمي الجنسية في العالم بأكثر من 10 ملايين شخص حسب تقديرات الأمم المتحدة من خلال المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهو عدد يبقى تقديري في غياب إحصاء دقيق لهذه الفئة من الأشخاص التي تعاني وتحرم من أبسط الحقوق.

 

مفهوم الجنسية وانعدامها:

تعتبر الجنسية رابطة قانونية بين الفرد والدولة لأن عن طريقها يصبح الفرد مواطنًا يتمتع بحقوق المواطنة داخل الدولة التي يحمل جنسيتها حيث لها أهمية قصوى في حياة الأفراد. وتعرّف محكمة العدل الدولية الجنسية على أنها رابط قانوني يقوم على "الشعور بالانتساب الاجتماعي وترابط وثيق بين الوجدان والمصالح والمشاعر". 

وبناء عليه، تعبر الجنسية عن ارتباط وثيق، ولكنها تضفي أيضا الصبغة الرسمية على رابطة الولاء، ومتى غاب رابط الولاء هذا أو ضعف أو انفصم، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى زوال الجنسية. لذا يطلق مصطلح "عديم الجنسية" على الشخص الذي تتخلى عنه جميع دول العالم لعدم انتسابه إلى أي منها فيضحى في مركز سلبي ويعد أجنبي بشكل مطلق أمام أي دولة، ومن ثم يكون معيار الجنسية غير فعال لغياب مدلوله. 

"ووفقاً للتعريف القانوني الدولي، فإن الشخص عديم الجنسية هو ”الشخص الذي لا تعتبره أي دولة مواطناً فيها بمقتضى تشريعها"

ولذلك تعتبر الجنسية حق من الحقوق الأساسية للإنسان، وعدم حصول الفرد على الجنسية له آثار قانونية سلبية وخيمة، فالجنسية تمنح حاملها شخصية قانونية تجعل منه مواطن الدولة له حقوق وعليه واجبات، وانعدام الجنسية لدى الفرد يؤدي إلى التجرد من حقوق المواطنة، فيجد صعوبة للولوج إلى التعليم، والحصول على العلاج الصحي، ويحرم من الحصول على العمل، ومن كافة الحقوق الأخرى التي تمنحها الجنسية. 

الدولي، وتعتبر اتفاقية 1954 بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية حجر الأساس في نظام الحماية الدولي للأشخاص عديمي الجنسية. وتحدد اتفاقية 1961 التزامات معينة فيما يتعلق بمنع وخفض حالات انعدام الجنسية

 

أسباب انعدام الجنسية:

بالنظر إلى الأسباب التي تجعل شخص ما عديم الجنسية فهي عديدة، ونطاق أسباب زوال الجنسية تختلف اختلافًا كبيرًا من دولة إلى أخرى وفقا لقوانينها وتشريعاتها الداخلية مع الالتزام بما تنص عليه المعاهدات المشاركة فيها ومبادئ القانون والعرف الدولي.

-حيث أن فقدان الجنسية أو الحرمان منها يجعل الشخص أجنبي بالنسبة إلى دولة جنسيته السابقة، مما يؤدي إلى تجرده من الحقوق التي كان يتمتع بها كمواطن. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تراكم انتهاكات حقوق الإنسان التي قد تكون جسيمة بوجه خاص إذا أفضى فقدان الجنسية أو الحرمان منها إلى انعدام الجنسية فإن أثره على الفرد يكون شديدا، كازدواج الجنسية التي تشكل سببًا من الأسباب المألوفة لفقدان الجنسية أو الحرمان منها ولا ريب أن الاحتيال أو اكتساب الجنسية عن طريق التزوير من الأسباب الشائعة لفقدان الجنسية والحرمان منها. وكذلك ارتكاب أفعال من شأنها أن تلحق أذى خطير بالمصالح الحيوية للدولة، هذا يعني الإخلال بواجب الولاء لتلك الدولة الذي ينبع من الجنسية. كما أن أداء خدمات لحكومة أو قوة عسكرية أجنبية يعد عموما سببًا من الأسباب المشروعة للحرمان من الجنسية. 

-بالإضافة إلى أن ولادة طفل في إقليم دولة قد لا تمنحه جنسيتها لأسباب تعود لكون والديه عديمي الجنسية أو بسبب تنازع قوانين الجنسية حتى لو كان والديه يحملان جنسية. وتنص قوانين بعض الدول الأخرى على شروط إضافية يجب استيفاؤها لمنح الجنسية لطفل مولود لأحد مواطني الدولة في الخارج، أو اللقطاء الذين يولدون دون معرفة جنسيتهم، ومن الممارسات الجيدة أن  الدول تدرج في قوانينها المتعلقة بالجنسية حكما صريحا ينص على توفير الحماية من أي إجراء يتعلق بفقدان الجنسية إذا كان الإجراء سيؤدي إلى انعدام الجنسية. "

- ويتمثل السبب المهم الآخر لانعدام الجنسية هو في ظهور دول جديدة وتغيرات في الحدود. وفي حالات كثيرة، يؤدي ذلك إلى تحوّل مجموعات معيّنة لعديمي الجنسية، وحتى حين تسمح البلدان الجديدة بمنح الجنسية للجميع، غالباً ما تواجه الأقليات الإثنية والعرقية والدينية مشاكل تثبت صلتها بالبلاد. وفي البلدان التي لا تُكتسب فيها الجنسية إلا بسبب النسب من مواطن، ينتقل انعدام الجنسية إلى الجيل التالي. 

- ويمكن للدول أيضاً أن تحرم المواطنين من جنسيتهم بسبب تغييرات في القانون تجعل مجموعات كاملة من السكان عديمي الجنسية، باستخدام معايير تمييزية مثل الإثنية أو العرق. "

- وتوجد العديد من الدول التي تقر تشريعات تمييزية ومقتضيات تؤدي إلى وجود أشخاص بدون جنسية– مثلا لا تسمح القوانين في 27 بلد للمرأة بمنح جنسيتها لأطفالها، كما تنص التشريعات أيضا على حالات فقدان الجنسية وتجريد الأشخاص منها، ولأسباب متعددة بما فيها السياسية، ما يجعل هؤلاء الأشخاص ينتقلون إلى حالة عديمي الجنسية. بالإضافة إلى النزاعات والحروب التي تضطر العديد من الأشخاص للهروب والسقوط بالتالي في حالة انعدام الجنسية، وكذلك الهجرة غير القانونية وانتقال الأفراد بشكل غير شرعي بدون وثائق إثبات هوية".

"لقد انتبه المنتظم الدولي مبكرا لخطورة هذه الظاهرة، وتم إقرار سنة 1954 اتفاقية دولية بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية وهي الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ في يونيو 1960

ونصت مقتضيات الاتفاقية على العديد من الأحكام لفائدة عديمي الجنسية، التي يتعين على الدول الأطراف في الاتفاقية تطبيقها واحترامها دون تمييز من حيث العنصر أو الدين أو بلد المنشأ. ومنها ما يرتبط بالإقامة، وبالحقوق الاجتماعية والاقتصادية كالحق في العمل والضمان الاجتماعي، وحق ملكية الأموال المنقولة وغير المنقولة، وبالحريات الأساسية، كحرية التنقل، وحرية الانتماء للجمعيات، وحق التقاضي أمام المحاكم، وبالحقوق الفنية والملكية الصناعية. ورغبة من المنتظم الدولي لمواجهة ظاهرة عديمي الجنسية والحد من الحالات التي تؤدي لها، صدرت اتفاقية دولية أخرى سنة 1961 بشأن خفض حالات انعدام الجنسية، وهي الاتفاقية التي دخلت حيز النفاذ في ديسمبر 1975. نصت هذه الاتفاقية على حالات قانونية عديدة كانت تصنف ضمن حالة انعدام الجنسية، وأضحت بموجب الاتفاقية خارج نطاق هذه الحالة، وأسست الاتفاقية للجنسية على أساس الرابطة الترابية. وقد نصت المادة الأولى من الاتفاقية بمنح كل دولة متعاقدة (طرف في الاتفاقية) جنسيتها للشخص الذي يولد في إقليمها ويكون لولا ذلك عديم الجنسية. ومنح الطفل المولود في رباط الزواج في إقليم الدولة المتعاقدة من أم تحمل جنسيتها، هذه الجنسية لدى الولادة إذا كان سيغدو لولا ذلك عديم الجنسية. كما اعتبرت الاتفاقية الطفل المولود على متن باخرة أو طائرة مولودا في إقليم الدولة التي ترفع الباخرة علمها، أو التي تكون الطائرة مسجلة فيها.

إن هذه المعايير الدولية المكرسة في الاتفاقيتين ما هي إلا معايير دنيا لمعاملات عديمي الجنسية، من المفترض أن الدول تقرها في تشريعاتها، وخاصة منها الدول الأطراف في الاتفاقيتين."

 

 

المصادر والمراجع:

محند بوكوطيس،مقال عديمي الجنسية من منظور القانون الدولي، موقع الجزيرة تاريخ نشر المقال 16/8/2018،تاريخ آخر دخول 14/12/2020 الساعة 9:34pm.

مقال الأشخاص عديمو الجنسية، موقع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تاريخ آخر دخول 24/1/2020 الساعة 3:04pm.

عبدالرسول عبدالرضا الأسدي، كتاب الجنسية و العلاقات الدولية، منشورات زين الحقوقية، 2010.

تقرير الأمين العام، حقوق الإنسان والحرمان التعسفي من الجنسية،A/HRC/25/28، 2013/12/19.

 

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia